from pinterest.
السبت، 03 تشرين الثاني، 2018
مرحباً يا غادة. قبل أسبوع من الآن ذهبت لزيارة مركز
الإرشاد الطلابي بجامعة السلطان قابوس. على أمل أن يساعدوني في آخر اكتشافاتي عن
نفسي. و لم أحضّر لهم الكثير من الكلام. كنت فقط قد لخصت مشاكلي في أربع نقاط (
نقص الثقة بالنفس. شعور بعدم الاستحقاق. تدني تقدير الذات. و الشعور بالذنب من
النعم) في يومنا الأول تكلمت هيَ كثيراً حتى ساعة كاملة, و هيَ فترة الجلسة
الواحدة أصلاً لذلك لم أسترسل في الحديث كثيراً. و قد أخبرتها الأربع نقاط. في
نهاية الحديث قالت لي بأن أقوم بكتابة المواقف التي تحصل لي و التي أتصرف فيها
بطريقة لا تعجبني و ما الطريقة التي أريد أن أتصرف بها و أحضرها لها في جلستنا
القادمة. و لكن عندما عدت للمنزل و فكرت بالأمر وجدت بأني لا أستطيع حل هذا
الواجب. فأنا قبل فترة قصيرة من زيارتي لها كنت قد تقبلت نفسي و أحببتها و أحببت
هدوئي و عوزي و نقصي و قلت عليّ أن أغير فقط بيئتي و نمط حياتي أما أنا فلا داعي
لكي أتغير, فلقد حاولت بالطبع في كل السنوات التي مضت أن أتغير و لم يحصل شيء.
وحان الآن موعد تقبلني و عناقي و التصالح معي, أما لكي أعيش راضية ؟ فعلى هذه البيئة
اللعينة أن تتغير هيَ لا أنا. و لأجل هذا أردت أن أسكن في منزل ماما أنيسة صاحبة
الأعمال و أعمل في ذلك المقهى الذي تملكه هي أو أعمل في أي من أعمالها التي لا
تتطلب الاختلاط بالناس.
فكرت في الذي قصدته الدكتورة : التصرفات التي تريدين
اكتسابها ! حسناً لا أريد اكتساب أية صفات أريد أن أبقى كما أنا, لأني مرتاحة
هكذا, أحب أن أكون زهراء و أحب أن أكون هكذا لا أريد أن أتغير ! لا أعرف ما الذي
أريد أن أكونه بالظبط ! آه
أنا لا أريد أن أكون غير أنا لأني لا أستطيع أصلاً .. ثم
لا أعرف ما التصرف الذي ينبغي أن أتصرفه في مواقف معينة لأن ذلك التصرف مهما كان
صحيحا فهو لا يمثلني ! هناك الكثير من التصرفات الصحيحة المتاحة لبني آدم أن
يتصرفها كردة فعل على موقف ما. و لكن كل تصرف هو مناسب لذاتٍ معينة. المشكلة أنني
لا أعرف ذاتي لأعرف أي تصرف يناسبها. الناس يعرفون لأن ذواتهم صحيحة و فطرتهم غير
مشوهة. أما أنا فلا أعرف. لو قلت لي طيب تصرفي على طبيعتك لتعرفي لقلت لك طبيعتي
للأسف مشوهة فلن أتصرف بشكل صحيح أيضا. آه لكن كيف لي أن أعرف ما هو التصرف الذي
يناسبني؟ هل عليّ إرتداء كل التصرفات تلك في كل مرة لكي أعرف أيها يناسبني؟ يا
لرحلة اكتشاف الذات الشاقّة !
أحبني يا غادة لكن هؤلاء لا يحبوني. معهم الحق على كل
حال. فأنا غريبة حقا. لا أحمل تعاطفا تجاه أحد. و ليست زوجة أخي صديقتي مع أنها من
النوع الذي يحب استجلاب الاهتمام و العاطفة. على عكسي تماما. أحب صمتي المطبق.
حرفيا إنه مطبق. ليس صمت خجل و لا صمت قلق. إنه صمت طبع. صمتُ طبعٍ مطبق. أحب
هدوئي الساكن و ردة فعلي الباردة القاتلة. و مع ذلك وجدت بأني سأرتاح إن قضيت أغلب
وقتي في غرفتي, أقرأ, أطرز, أتأمل, أعمل – العمل الذي سوف أوكل به حينئذٍ و سوف
يكون داخل المنزل- أخرج للطبيعة و ربما إذا رزقني الله أن أسكن مع أناس أحبهم و
يحبوني سنتبادل الضحكات و بعض الأحاديث بين حين و أخرى. و هكذا عندما أحبني لوقت
أطول و أقبلني لوقتٍ أطول سأستطيع حينها مواجهة العالم دون خوف. سأعمل موعد مع
طبيب الأسنان و طبيبة البشرة سأذهب لمقابلة عمل سأشارك في فريق تطوعي. لن أخاف
حينها. أفترض ذلك فحسب. و إلا. فإني قد وُلدت إذا هدرا. فلا أنا قادرة على الوصول
إليّ. و لا أنا قادرة على الرحيل مني!
في أعماقي جوعٌ للحب, آه للحب. قال جبران خليل جبران. هل
تراني سأعيش الحب الحقيقي قبل أن أموت. و أن أنال ترف أن يحبني أحد بدل ما أكون
أنا دائما من يمنح يحب. ؟
